اشبع أكل، متشبعش اكتشاف!

في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلدان، وتماشيًا مع وباء كوفيد-19 الذي أثّر سلبًا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في العالم بأسره، تُعتبر صناعة المواد الغذائية المتغير الأكثر ثباتًا في سوق البيع والشراء، فمهما تغاضى الإنسان في حياته عن الكثير من المستلزمات، لا يمكنه الحياة بدون مؤونة وطعام، ولعلّ صناعة المواد الغذائية هي المشروع الأقل تأثرًا، لأنه الأكثر طلبًا في الأزمات.
وفي ظلّ تكاليف بدء التشغيل المرتفعة أيضًا، أصبح من الصعب بناء مطاعم واتخاذ مساحات شاسعة لاستقبال الناس، عدا عن تكاليف تشغيل النوادل، وتكاليف المواد الأخرى الكثيرة، لذا يتجه اليوم العديد من رجال الأعمال في مجال التغذية، إلى فكرة المطابخ السحابية التي سنتكلم عنها في هذا المقال.
ما هي المطابخ السحابية؟

“المطبخ السحابي (Cloud Kitchen)”، ويُسمى ايضًا “المطبخ الشبح (Ghost Kitchen)” أو “المطبخ الافتراضي (Virtual Kitchen)” أو “مطبخ الظلّ (Shadow Kitchen)”، ويُمكن تعريفه تجاريًا بأنّه عبارة عن مساحة تجارية لشركات الأغذية، توفّر هذه المطابخ لتلك الشركات التسهيلات والخدمات اللازمة لإعداد العناصر الغذائية وتسليمها عن طريق التوصيل الفوري إلى المستهلك.
قد تتساءل الآن، هل خدمة الدليفري هذه جديدة؟ ما الإضافة التي جاءت بها المطابخ السحابية إذا كان هناك في الأصل الكثير من المطاعم التي تتيح خدمة التوصيل السريع؟ وهنا بالفعل هو جوهر خدمة المطابخ السحابية. تختلف المطابخ السحابية عن مطابخ المطاعم الحقيقية بكون تلك السحابية عبارة عن مطبخ لمطعم افتراضي متخصص في توصيل الوجبات والطلبات فقط، وليست هناك مساحة فعلية حقيقية فيه لتناول الطعام، ولا منضدة للوجبات ولا أي من مرفقات المطاعم التي نعرفها.
إذًا يمكن وصف المطبخ السحابي بكونه مطبخًا تشغيليًّا فقط لإعداد الطعام، وتوصيله إلى المكان الهدف، ويُعتبر مطعمًا افتراضيًّا لعدم وجود مساحة مطعم حقيقي تقليدي يمكن الذهاب إليه وتناول الطعام فيه، وهنا يمكن ملاحظة الفرق بين المطبخ السحابي والمطبخ التقليدي؛ وهو وجوب تناول الطعام في المطاعم التقليدية، ومن الممكن أن تقدم هذه المطاعم خدمة التوصيل إذا كانت متاحة في المطعم، أما المطابخ السحابية، فلا يمكنها سوى تقديم خدمة التوصيل، فهي أُنشئت لهذا الغرض.

كيف تعمل المطابخ السحابية؟
كونها خدمة سحابية، فهي تعتمد في عملها على تكنولوجيا الاتصال الحديثة والإنترنت، لذا نرى أن المطابخ السحابية تقدم خدماتها من الوجبات والأكلات المختلفة عن طريق تطبيقات مخصصة، يمكن للعملاء تنزيلها وطلب الوجبات والدفع عبر الإنترنت بكبسة زر فقط، ولا يتعين عليهم سوى الانتظار مدة قصيرة في مواقعهم لتصل طلبيتهم إليهم.
وأما ما يميز المطابخ السحابية في عملها، فهو تطوّر تقنية التوصيل، فبينما يقوم العشرات يوميًا بالنقر على الوجبة واختيارها، تعمل المطابخ السّحابية بتقنية مميزة تسمح لها بجمع البيانات من خلال فلترة أنواع الأطعمة التي يطلبها سكان أحياء معينة والمدة التي تستغرقها الطبية للوصول إلى تلك الأحياء، وذلك بالاستعانة بتطبيقات توصيل الطعام، وهو ما يسهّل عليها الوقت والجهد في العمل، فيُصبح أمر إنتاج وتوصيل الطعام شبه تلقائيّ.
أنواع المطابخ السحابية

تأتي المطابخ السحابية في عدة نماذج بحسب التخصص:
- نموذج المطعم السحابي المستقل: وهو النوع الأصلي والأبسط من المطابخ السحابية، حيث يتكون من مطبخ فردي، بدون متجر مادي، ويعمل لعلامة تجارية واحدة فقط، وهو مناسب للشركات الناشئة والصغيرة.
- نموذج المطبخ السحابي المشترك: في هذا النوع، يختلف عن سابقه من حيث الاشتراك بين العديد من الشركات في ذات المطبخ السحابي على أساس المشاركة، وهو مناسب للشركات الناشئة أيضًا.
- مطعم تقليدي مادي يدمج نموذج المطبخ السحابي في عمله: مخصص للمطاعم التي ترغب في زيادة القاعدة الجماهيرية من العملاء، لذا تقدم خيار التوصيل عبر الإنترنت مع خيار تناول الطعام في المطعم.
- نموذج العلامة التجارية الواحدة متعددة المطابخ السحابية: في هذا النوع، تمتلك علامة تجارية واحدة عدة مطابخ سحابية في مناطق مختلفة، وهو مناسب للشركات التي تتلقى طلبات توصيل الطعام عبر الإنترنت بكميات كبيرة، لإعداد الطلبات بشكل أسرع.
- مطبخ سحابي واحدة لعلامات تجارية متعددة تقدّم خدمات متشابهة: هذا النموذج مخصص للشركات التي تقدم أنواعًا مختلفة من المأكولات، ويمكن باستخدامه أن يُباع كل نوع من الطعام باسم علامة تجارية منفصلة.
- مطابخ سحابية مع خيار استلام/تسليم: هنا يكون للمطعم السحابي واجهة متجر فقط لإتاحة خيار الاستلام من قِبل المستهلك، أي يمكنك الذهاب واستلام طلبك، ولكن بدون خيار الجلوس في المطعم، فقط إما أن تذهب وتأخذ طلبك، أو أن تستلمه عن طريق خيار التوصيل من المطبخ السحابي.
خدمة المطابخ السحابية إلى الأفضل مستقبلًا..
يتجه اليوم الكثير من رجال الأعمال في مجال الأغذية ومالكي المطاعم، إلى خدمة المطابخ السحابية، وذلك كحلّ تجاري بديل أرخص، ومثالي للاستفادة من الزيادة الكبيرة في الطلب على توصيل الطعام، فبحسب البيانات الحديثة الواردة عن يو بي أس؛ أكبر مؤسَّسة مصرفية سويسرية في العالم، فقد زادت طلبات توصيل الوجبات بنسبة أكثر من 150% بين عامي 2019 و2020، وتتوقع الشركة أن يزداد سوق توصيل الطعام بنسبة 10 أضعاف، من 35 مليار دولار سنويًا إلى 365 مليار دولار خلال الـسنوات العشر القادمة.
إن أهم ما يساهم في شعبية المطابخ السحابية هو التشاركية، فكما أشرنا سابقًا أعلاه، يمكن للعديد من العلامات التجارية أن تستخدم ذات البنية التحتية، أي ذات المطبخ السحابي. يمكن لعلامة تجارية أن تستأجر مطبخًا سحابيًا على أساس شهري، أو على أساس الاستخدام؛ فيمكن لأي علامة تجارية أن تستأجر المطبخ ليلًا إذا كان عملها يقتضي ذلك، بينما تستأجر أخرى المطبخ خلال النهار.
بما أن المستهلك يحاول دائمًا تغيير حياته إلى الأفضل، فسيتّجه بلا تفكير إلى الحصول على وجبات طعامه سريعًا عن طريق التوصيل، لذا لا يمكن لمشروع المطابخ السحابية إلّا أن يكون ناجحًا وذو إقبال كبير من قِبل المطاعم. وأنت ما رأيك؟ هل أعجبتك فكرة المطابخ السحابية؟